أبرز المواضيعاخر الاخبار

جريدة لندنية : ماذا حققت القوى المدنية السودانية خلال اجتماعات القاهرة لحل الأزمة؟

7 / 100

أنهت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) السودانية اجتماعاتها في القاهرة بإعلان «مشروع خريطة طريق لحل الأزمة السودانية»، والذي تضمن مجموعة من «المقترحات» المعروضة للحوار مع مختلف القوى السودانية، من أجل وقف الحرب الدائرة حالياً، ومعالجة تداعياتها سياسياً واقتصادياً وإنسانياً.

وتضمنت «خريطة الطريق» محورين أساسيين يتعلق الأول بوقف «إطلاق النار الدائم» والقضايا الإنسانية، وشمل التأكيد على دعم «منبر جدة»، واقترح تشكيل «آلية وطنية عليا» للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار وتوزيع المساعدات الإنسانية. بينما تضمن المحور الثاني القضايا السياسية، من إجراء حوار تمهيدي بين القوى السياسية، ثم تشكيل حكومة تصريف أعمال، وصولاً إلى تشكيل حكومة انتقالية، وإطلاق حوار سوداني شامل.

وكان نحو 45 من قيادات القوى السودانية عقدوا اجتماعات موسعة خلال يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين في العاصمة المصرية، هي الأولى من نوعها منذ اندلاع المواجهات بين القوات المسلحة السودانية، و«قوات الدعم السريع»، التي أودت بحياة نحو 3900 شخص وشردت نحو 3 ملايين سوداني سواء في الداخل، أو عبر النزوح إلى دول الجوار.

غياب مشروع وطني

وأشارت «خريطة الطريق»، التي اقترحتها قوى «الحرية والتغيير»، إلى أن الأزمة السياسية السودانية «ظلت تراوح مكانها منذ استقلال البلاد في 1956، وتمظهرت هذه الأزمة في الصراعات التي دارت رحاها وما زالت تدور بسبب غياب مشروع وطني عجزت عنه القوى السودانية مدنية وعسكرية عن تقديمه». واعترفت قوى «الحرية والتغيير» بأن القوى السياسية الوطنية التي صنعت التغيير تداعت من أجل الوصول إلى رؤية سياسية متفق عليها لإدارة الفترة الانتقالية، «إلا أنها فشلت في ذلك»، لافتة إلى أن «الوقف الفوري» لإطلاق النار وتحقيق سلام مستدام «لن يتحقق إلا بتوحيد القوى السياسية والشعب السوداني من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل عبر حوار نتجاوز فيه أخطاء الماضي وذلك برؤية ومنهج جديدين».

ودعت «خريطة الطريق» في محورها الأول إلى وقف الأعمال العدائية وصولاً لوقف إطلاق «النار الدائم» من أجل إيصال المساعدات الإنسانية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين وفق مفاوضات جدة الجارية الآن. واقترحت الخطة إنشاء «آلية وطنية عليا» من الأحزاب وحركات الكفاح المسلح والإدارة الأهلية وشخصيات قومية، للعمل مع المجتمع الدولي والإقليمي ودول الجوار وآليات وقف إطلاق النار لتعضيد بناء الثقة بين الأطراف وضمان تنفيذ الاتفاق والالتزام بالمساعدات الإنسانية.

وشددت الخريطة على فتح ممرات آمنة لوصول الإغاثة للنازحين والمتضررين والتزام كافة الأطراف بحماية المدنيين، وضمان وحرية حركة المدنيين دون قيد، إضافة إلى توفير المعينات اللازمة للقوة المشتركة لحماية المدنيين في دارفور كما نص عليه اتفاق جوبا لسلام السودان. كما أكدت الخطة دعم «منبر جدة» لأجل الوصول إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم يستطيع أن يمهد معه الطريق نحو تحقيق سلام عادل ومستدام في جميع البلاد.

إطلاق حوار شامل

تضمنت بنود المحور الثاني من خريطة الطريق المقترحة من جانب قوى «الحرية والتغيير» أربع مراحل، شملت الأولى منها إطلاق حوار تمهيدي «يهدف إلى بناء الثقة بين القوى السياسية والاتفاق حول القضايا الإجرائية وتوحيد رؤى القوى السياسية، تمهد الطريق للحوار الشامل». واقترحت القوى السودانية تشكيل «حكومة تصريف أعمال مؤقتة محدودة المهام تتفق الأطراف على فترتها»، وتتضمن مهام تلك الحكومة إعادة مرافق الدولة إلى الخدمة وتسيير العمل اليومي للدولة بما في ذلك تقديم الخدمات الضرورية والملحة للمواطنين، وإنهاء الحرب بناءً على اتفاق وقف إطلاق النار الدائم والآليات المتفق عليها لتنفيذ السلام. كما تلتزم «حكومة تصريف الأعمال» بتوفير الاحتياجات الإنسانية الملحة، وتنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان وخاصة قوى حماية المدنيين وبروتوكولات الأرض والحواكير والنازحين واللاجئين والعدالة، وإيجاد حل عادل لقضية شرق السودان.

وتضمن المقترح أن «يقوم رئيس مجلس السيادة، وبناء على مقترحات الحوار التمهيدي، بتشكيل (حكومة تصريف أعمال) بالسرعة المتوخاة، استجابة للحاجة الملحة لوضع البلاد الأمني والمدني والخدمي والإنساني». وشملت بنود المرحلة الثانية تهيئة الظروف المناسبة لقيام الحوار السوداني الشامل وتكوين آلية متفق عليها للإشراف على الحوار الشامل، وإنشاء مؤسسات العدالة الانتقالية وعدم الإفلات من العقاب، وكذلك تحديد ملامح نظام الحكم في السودان والمؤتمر الدستوري، والانتخابات والتداول السلمي للسلطة والميثاق الديمقراطي.

وتضمنت المرحلة الثالثة من الخطة المقترحة إطلاق حوار شامل تتفق الأطراف على أسسه وآلياته «لضمان الشفافية والمشاركة العادلة وعدم هيمنة أي طرف من الأطراف على أجندة الحوار ومخرجاته والمشاركين فيه»، على أن تشمل موضوعات ذلك الحوار إشكالية المواطنة والتعددية وإدارة التنوع في البلاد، وإصلاح وتطوير وتحديث المؤسسة العسكرية من أجل بناء جيش وطني قومي واحد والعدالة الانتقالية، والعلاقات الخارجية، وقضايا المرأة والشباب، وعلاقة الدين بالدولة. فيما تضمنت المرحلة الرابعة الإشارة إلى دور المجتمع الدولي والإقليمي ودول الجوار، واعتبرت الخطة المقترحة الأزمة السودانية «أساسها داخلي»، إلا أنها أشارت كذلك إلى حاجة السودان إلى «تعاون لصيق مع محيطه الإقليمي والدولي لتحقيق أمنه وازدهاره الاقتصادي دون مصادرة قراره وسيادته».

وأعربت القوى السياسية المشاركة في خريطة الطريق عن تطلعها إلى دور إيجابي للمجتمع الدولي في تسهيل الحوار الشامل بين السودانيين، وضرورة تشكيل آلية إقليمية ودولية تعمل على تلبية متطلبات الشعب السوداني.

متغيرات كبيرة

ووصف جعفر حسن، المتحدث باسم «الحرية والتغيير» اجتماعات القوى المدنية السودانية بالقاهرة بأنها «الأنجح»، موضحاً أن المشاركة الواسعة من جانب القوى المدنية وفرت الفرصة لمناقشة سبل وقف الحرب من خلال التكتل الذي وصفه بأنه «أكبر تحالف سياسي حاليا في السودان». وأوضح حسن لـ«الشرق الأوسط» عقب ختام اجتماعات قوى «الحرية والتغيير» (مساء الثلاثاء)، أن الحرب الدائرة حاليا «فرضت متغيرات كبيرة على رؤية وخطة تحرك التكتل»، مشيراً إلى أن «الهدف الأهم في المرحلة الراهنة يتطلب تنسيقا سياسيا عالي المستوى بين كل الأطياف السودانية لوقف الحرب». وأضاف أن قوى «الحرية والتغيير» ستبدأ سلسلة من المشاورات واللقاءات مع مختلف القوى السودانية باستثناء «حزب المؤتمر الوطني وواجهاته»، والذين اتهمهم بـ«إشعال الحرب والفتن في السودان».

وكان البيان الختامي لاجتماع قوى «الحرية والتغيير» تضمن مطالبة المجتمعين بـ«ضرورة تصنيف (المؤتمر الوطني وواجهاته) كتنظيم (إرهابي) جراء جرائمه التي ارتكبها منذ تقسيم البلاد، انتهاء بإشعال حرب 15 أبريل (نيسان) والسعي لاستمرارها وتغذية خطابات الكراهية والعنصرية وتقسيم البلاد». كما أدان الانتهاكات التي وصفها بـ«الجسيمة» لحقوق الإنسان، ومنها جرائم القتل والسلب والنهب واحتلال البيوت التي قامت بها قوات الدعم السريع، وجرائم القصف الجوي والاعتقالات التعسفية للناشطين وحماية أنشطة وفعاليات وفلول النظام البائد من قبل القوات المسلحة.

مبادرة مفتوحة

من جهته أشاد شريف عثمان، الأمين السياسي بحزب المؤتمر السوداني، القيادي بالمجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» بما تحقق من نتائج لاجتماعات القاهرة، مؤكداً أن التوافق الكبير الذي شهدته المشاورات والنقاشات بين القوى المدنية السودانية «سيكون له مفعوله في إعلاء صوت القوى الداعية لوقف الحرب وتجاوز السودان لهذه المحنة الخطيرة». ولفت عثمان لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «توافق قوى الحرية والتغيير يوفر إطارا وطنيا لوقف الحرب ومواجهة تداعيات الأزمة، وبما يسد نقائص عديدة كانت سببا في الوصول إلى الحالة الراهنة»، موضحاً أن «خريطة الطريق» التي تم التوافق عليها «تمثل مبادرة وطنية مفتوحة أمام جميع القوى المناهضة للحرب والداعية لوقف القتال»، إضافة إلى تكاملها مع الجهود الإقليمية والدولية الرامية لمساندة الشعب السوداني في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.

وكان البيان الختامي قد وجه الشكر لمصر على المجهودات والمساعدات التي قُدمت للشعب السوداني قبل الحرب وبعدها، ولجهودها من أجل إنهائها وترحيبها باستضافة اجتماع قوى «الحرية والتغيير»، كما ثمن الدور الدولي والإقليمي الذي يعمل على تيسير العملية السياسية وفقاً لإرادة الأطراف السودانية، وأكد على ضرورة أن تتكامل المبادرة السعودية – الأميركية مع خريطة طريق الاتحاد الأفريقي ومقررات مؤتمر «دول الجوار» ومجهودات المجتمع الإقليمي والدولي الرامية لوقف الحرب لتصبح عملية واحدة بتنسيق بين الميسرين والأطراف السودانية.

اضغط هنا للإنضمام لمجموعة ( سوان لايف ) على الواتسب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى