أبرز المواضيعاخر الاخبار

فوضى شاملة في السودان

د. أميرة عبدالحليم تكتب : صراع يهدد بفوضى شاملة في السودان

3 / 100

مع دخول الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السودان، أسبوعه الحادي عشر، وما رافقه من تزايد حدة الاشتباكات بين الطرفين، وتفاقم تداعيات الصراع الأمنية والإنسانية في ظل امتداد المواجهات إلى ولايات أخرى غير العاصمة وإقليم دارفور، تتزايد المخاوف من انزلاق أكبر نحو الفوضى في ولايات جديدة في السودان، وتفاقم المأساة الإنسانية.

في غضون ذلك، تتصاعد التساؤلات حول مصير السودان في ظل عدم قدرة أي من الأطراف الخارجية على دفع طرفي الصراع إلى وقف إطلاق النار بصورة دائمة، والجلوس على مائدة الحوار لتقريب وجهات النظر، بعد أن أسفرت الأزمة الراهنة عن بروز كل المشكلات والأزمات التي يعاني منها السودان منذ استقلاله.

تمدد الصراع

فضلاً عن تصاعد المواجهات بين الجانبين في مدن العاصمة الثلاث، وإعلان الجيش السوداني عن استيلاء قوات الدعم السريع على مقر رئاسة قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة في الخرطوم، ومصادرته معدات عسكرية تمتلكها هذه القوات، حيث كان الجيش يعتمد عليها ميدانياً في المعارك، إضافة إلى تزايد أعداد قوات الدعم السريع وانتشارها في شوارع العاصمة، في حين هناك عدد قليل جداً من كتائب المشاة التابعة للجيش في شوارع الخرطوم، وعلى الرغم من حقيقة أن الجيش يتكون من نحو 200 ألف جندي، أي ضعف حجم قوات الدعم السريع. فإن قوات الجيش هي الأقل عدداً بكثير في شوارع الخرطوم، وكذلك في المدينتين الواقعتين على ضفتي نهر النيل – بحري وأم درمان.

كانت الخرطوم والجنينة أكثر المدن تضرراً من الصراع، غير أن التوتر والاشتباكات المسلحة انتقلت إلى مدن أخرى، فاشتبكت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بقيادة عبدالعزيز الحلو مع قوات الجيش في الأسبوع الماضي في ولاية جنوب كردفان، كما شنت الحركة هجوماً على مدينة الكرمك بولاية النيل الأزرق على الحدود مع إثيوبيا، بما يمثل تغيراً في توجهات الحركة التي كانت تتفق مع الجيش الوطني ولديها عداء مع قوات الدعم السريع، حيث تؤثر تحركات الحركة الأخيرة في موازين القوة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وعلى الجانب الآخر تصاعد العنف في مدينة نيالا أكبر مدن إقليم دارفور.

مأساة تتوسع

كما حذرت الأمم المتحدة فى 24 يونيو/ حزيران، من عمليات القتل والاستهداف في دارفور على أساس الهوية العرقية والقبلية، خاصة استهداف أفراد قبيلة المساليت. ووقوع تجاوزات وانتهاكات وعمليات إعدام تصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية مع انقطاع شبكات الاتصالات وإمدادات الكهرباء، وتعذر وصول عمال الإغاثة إلى المدن التي تشهد الاقتتال. ومنذ بدء الحرب، بات ثلثا المستشفيات والمؤسسات الصحية خارج الخدمة، والتي ما زالت في الخدمة عليها التكيّف مع نقص حاد في الأدوية وانقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة، واستهدافها من قبل القوات المتحاربة، فيما فرّ كثير من أفراد طواقم الرعاية الصحية، أو قضوا في الحرب، كما برزت تحذيرات من انتشار الأوبئة فى هذه البيئة الصراعية شديدة التعقيد.

كما أدى الصراع إلى فرار نحو2.5 مليون سوداني من منازلهم، ولجأ من بينهم 600 ألف مواطن إلى دول الجوار، خاصة مصر وتشاد، في حين قتل أكثر من 2800 شخص، والذين استمروا في العيش في الخرطوم، أو مناطق الصراع الأخرى لديهم مشكلات حادة في ظل تفاقم انعدام الأمن الغذائي، حيث تحذر منظمة «الفاو» من ارتفاع حدة الجوع في السودان، مع اقتراب موسم الجفاف الذي يمتد من يونيو/ حزيران، إلى سبتمبر/ أيلول، وتحتاج المنظمة إلى 95 مليون دولار لتتمكن من إنقاذ 15 مليون شخص. وأعلن قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو، عن هدنة من طرف واحد في البلاد، يومى 27-28 يونيو بمناسبة عيد الأضحى المبارك، بعدما تأجلت المفاوضات التي انطلقت بين الجانبين، منذ مايو/ أيار الماضي، في جدة، بوساطة أمريكية سعودية.

أفق سياسي مسدود

وعلى الجانب السياسي، يبدو أن طرح مبادرات لتسوية سياسية فعلية لم يحن موعده بعد، في ظل استمرار العمليات العسكرية، وعدم وجود أفق للتنازلات بين طرفي الصراع، حيث يصّر كل طرف على الحسم العسكري، فلم يصل الصراع بعد إلى مرحلة النضج الذي يرى فيه أطراف الصراع أن التفاوض يحقق مكاسب أكبر من استمرار المواجهات العسكرية، وقد حذر المتحدث باسم العملية السياسية في السودان، خالد يوسف، من تحوّل الحرب في السودان إلى حرب عابرة للحدود تعلو فيها الأجندات الخارجية. كما دعا مجلس الأمن الدولي، طرفي الصراع إلى وقف القتال وحماية المدنيين، مناشداً زيادة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى السودان والدول المجاورة، ودعم العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، واحترام القانون الدولي الإنساني.

وفى الأخير، يظل استمرار الصراع يطرح سيناريوهات لمستقبل السودان غير مؤكدة، ولا تحمل أي ملامح للتفاؤل، كما تتزايد آثاره وتداعياته المدمرة مع مرور الوقت، وتتحقق التنبؤات السيئة، خاصة ما يتعلق بامتداد الصراع إلى عدد أكبر من الولايات، ودخول الحركات المسلحة على خط الأزمة، وكل هذه التطورات تحدث بينما القوى الخارجية، خاصة الولايات المتحدة تلوّح بالعقوبات غير الفعالة، وتظهر كأنها عاجزة عن إجبار طرفي الصراع على وقف المعارك، ودفعهما نحو التفاوض واستعادة الاستقرار، على الرغم من وجود مصالح حيوية لكل من طرفي الصراع مع الولايات المتحدة، وقوى إقليمية ودولية أخرى، ما يثير جدلاً حول طبيعة المواقف الخارجية من هذا الصراع، وهل هناك قوى من مصلحتها استمرار الصراع، أو إنهاك الطرفين، أم أن تلك القوى تنتظر المنتصر لتتفق معه، في الوقت الذي لا تزال القوى السياسية السودانية شبه غائبة عن الفاعليات الإقليمية والدولية حول مستقبل السودان، ما يزيد من تعقيد عملية التفاوض، لأن عودة الاستقرار ترتبط بوجود حكومة مدنية، ولن تقبل القوى الخارجية المختلفة بوجود حكم عسكري في السودان.

اضغط هنا للإنضمام لمجموعة ( سوان لايف ) على الواتسب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى