
اكد عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي صدقي كبلو ان بعض القادة العسكريين في سدة الحكم مكتوبون عند الله تعالى (كذابين) وانه لا يمكن ان يثق فيهم، وبين ان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يطمح للترشح لرئاسة الجمهورية، وان هناك قادة عسكريين مازالوا مرتبطين بالمؤتمر الوطني المحلول.
واتهم كبلو في هذه المقابلة مع (قناة الانتباهة) الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بتعطيل ما سماه اسقاط الانقلاب وتقسيم لجان المقاومة والحراك الجماهيري، وتوعد بتعبئة الشارع حال تكوين ما وصفها بحكومة التسوية المرتقبة، وبين ان العملية السياسية ستكوّن حكومة مدنية تحت هيمنة المكون العسكري، وان المشكلة ان الحرية والتغيير اشتغلت معهم بـ (عصاية قائمة وعصاية نايمة). واكد ان الحكومة الحالية وحكومة الاتفاق الاطاري القادمة ليس من صلاحياتهما التطبيع مع اسرائيل، وانه ينبغي انتظار الحكومة المنتخبة، ورأى أن البرهان ارتكب خطأً كبيراً في خطوات التطبيع مع اسرائيل وليست لديه شرعية ان يفعل ذلك، وانهم يقفون مع فلسطين ليس لانهم عرب، وانما مع حق الشعوب في الحرية والديمقراطية واقامة اوطانها.. فإلى مضابط الحوار.
* ما تقييمكم للعملية السياسية الجارية، هل يمكن ان تحل الازمة ام تعقد الوضع؟
ــ هذا سؤال كبير جداً، فالاعلان السياسي سيكوّن حكومة مدنية ستظل تحت هيمنة العسكر لانهم يمسكون بقوة السلاح، وقضايا السودان لاسيما السلام والعدالة والحريات لا تحل الا بتطبيق حازم لشعارات الثورة، واذا كان القائد العام للجيش يحتكر العنف فهذا يعني انه هو الدولة الحقيقية، وبدون اخضاع اجهزة العنف في الدولة والجيش والشرطة والامن للسلطة المدنية سيكون هناك خلل في توازن السلطة. كما اننا لا ننخدع بما يقال عن التفكيك، لأن بعض الناس يعتقدون ان تفكيك النظام هو ابعاد بعض الشخصيات او مصادرة اموالها، بينما التصفية الحقيقية هي تصفية الطرق التي تسيطر بها الرأسمالية الطفيلية على الاقتصاد الوطني، ولا نريد ان نبدل رأسمالية طفيلية باخرى تحت قناع الحرية والتغيير او اية جهة.
* هل يمكن ان يلتزم المكون العسكري بالاتفاق الاطاري؟
ــ اعتقد ان العسكريين الممثلين في اللجنة الامنية لا يمكن ان يثق فيهم، وحتى من ناحية دينية الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)، فبعض القادة الموجودين هم لا شك مكتوبون عند الله كذابين، لانهم يقولون كلاماً في مكان وكلاماً آخر في مكان ثانٍ، وهذا كذب واضح جداً، وليس سياسة، فكيف تثق في هؤلاء الناس؟ أناس انقلبوا على شراكة ووثيقة دستورية، كيف تضمنهم ما ينقلبوا مرة اخرى؟
* هل الاتفاق الاطاري تم بضغوطات خارجية ام استشعاراً بالخطر المحدق بالبلاد؟
ــ انا اعتقد ان هناك ضغوطاً خارجية ومحاولة لاغلاق الطريق امام الجماهير الثائرة لاسقاط النظام والانقلاب. كما أن هناك محاولة مستمرة لتقسيم الشارع ولجان المقاومة لتكون هناك جهة عليا مضادة ومعادية للثورة.
* كيف ترى مشاركة حزبي المؤتمر الشعبي والاتحادي الاصل في الاتفاق الاطاري؟
ــ هنا اعبر عن رأيي الشخصي وليس مرتبطاً بالحزب، فمنذ البداية ارى التناقض داخل المؤتمر الشعبي من خلال وجوده في تحالف قوى المعارضة، وهناك تيار اساسي ينظر لفترتهم نظرة نقدية كاملة ويرفض الانقلابات العسكرية وهو مع الديمقراطية وتطور الحركة النقابية، وهذا جزء من المثقفين والعمال الذين لم يرتبطوا بالطفيلية ولم يستفيدوا منها، ولكن هناك جزء مرتبط بالطفيلية ومازال يرفع الشعارات الايديولوجية للحركة الاسلامية التي حطمت السودان خلال (30) عاماً، واعتقد ان هذا الجناح في الشعبي اكثر راديكالية من الحرية والتغيير، وانه سيطرح قضايا مهمة جداً. وكان مغرياً لحزب المؤتمر الشعبي ان فتح لهم مجال للانضمام للاتفاق الاطاري والخروج من العزلة، ويجب النظر الى ما قدمه المؤتمر الشعبي في سقوط النظام السابق وهو قد شارك في نظام ثلاثين يونيو وكان من الانقلابيين، وزعيمه الترابي من المفكرين الاساسيين لانقلاب 1989، ولكن عقب المفاصلة حدث تغيير وتطورات، وهناك حقائق ما كنا نعرفها لولا هذا الانقسام، وشهادة الترابي في قناة (الجزيرة) عن هذه الفترة شهادة تاريخية تكشف ما حدث في هذا الامر.
* ما موقف الحزب حال التوصل لاتفاق وتشكيل الحكومة؟
ــ سوف نعبئ الشارع ضد التسوية حال تم تكوين الحكومة، كما اننا سنقيم قراراتها وسياساتها وبناءً على ذلك التقييم سنعلن موقفنا منها، وهدفنا اسقاط الانقلاب واستعادة الحكم المدني الشامل، وخوفي ان تكون الحكومة المدنية التي ستولد عن التسوية بمثابة السكرتارية المدنية للقوى العسكرية التي تحكم من الخارج.
* لكن ثمة حديث بأن القوى المدنية عبر الحراك فشلت في اسقاط الانقلاب مما دفعها للدخول في العملية السياسة؟
ــ لا.. القوى المدنية لم تفشل وانما انقسمت، ولم يحدث انقلاب في تاريخ السودان وخرجت المظاهرات منذ اليوم الاول معترضة، والمشكلة ان مجموعة الحرية والتغيير اشتغلت معنا بـ (عصاية قايمة وعصاية نايمة) وهي تتهمنا بانقسام الحركة الجماهيرية، وانما هي التي قسمت الحركة الجماهيرية في الشارع ولجان المقاومة. كما ان الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عطلت اسقاط انقلاب النظام الحالي، لكن القوى المدنية الموجودة استطاعت ان تجبر هذا النظام على عدم تكوين حكومة واتخاذ اي شيء رغم اعادة بعض الاسلاميين.
* ما تفسيركم للخطابات المتباينة لقادة المكون العسكري بشأن العملية السياسية؟
ــ هذه تناقضات.. والسبب ان درجة انتماء اعضاء اللجنة الامنية السابقة لنظام المؤتمر الوطني تختلف، فبعضهم دخل تنظيم المؤتمر الوطني انتهازية للحفاظ على موقعه العسكري والترقي، وهذا رباط به مرونة ويمكن ان يبيع المؤتمر الوطني وحلفاءهم، وبعضهم مرتبط بالمؤتمر الوطني ومازال وهذا نزاع موجود، كما البعض ان الآخر لديه طموحات سياسية مستقبلية، لذلك يستعمل اللغة التي يحاول بها ان يكون في علاقة طيبة مع الشعب.
* ذكرت ان هناك طموحات لقادة المكون العسكري، هل هذه اشارة الى ان قائد الجيش يطمح الى الترشح للانتخابات القادمة؟
ــ نعم ممكن، وهذا حدث في دول الجوار وممكن ان يحدث هنا، وحتكون لاول مرة منذ عهد رئيس الوزراء الاسبق عبد الله خليل كقائد عسكري، والسؤال هنا هل سينشئ القادة العسكريون حزبهم الجديد مثل محاولة الرئيس عبد الفتاح السيسي ان يبدأوا كمستقلين، وهذا كله يعتمد على التطور السياسي وحركة الجماهير، كما انه كلما كان نظام الحكم برلمانياً قلت سيطرة الافراد، وبالتالي يقل طمع العساكر في الحكم، وكلما اتجهنا للنظام الرئاسي طمع العسكر ويحاول المدنيون انفسهم ان يصبحوا ديكتاتوريين، ولدينا تجرىة تونس حيث ان المدني المنتخب اصبح دكتاتوراً خطيراً.
* ما رأيكم في الزيارات المتعددة للمبعوثين الدوليين للبلاد، هل هذا صراع محاور؟
ــ نعم هو صراع محاور، لكن المحور الغربي مدرك لاهمية وحدته رغم تناقضاته الداخلية، مثلاً فرنسا وامريكا وبريطانيا هناك تناقضات بينها، اما المانيا فلديها امل كبير في السودان للاستثمار، لكن تركوا تناقضاتهم الجانبية وتوحدوا. كما ان هذه التناقضات السائدة تكون بين القوى الاقليمية، فمصر والامارات والسعودية غير متفقين، ووحدتهم في الآلية الرباعية تأتي من الضغط الخارجي والغربي وليست من قناعاتهم، ولديهم اهداف مختلفة تتعلق بموارد السودان خاصة الزراعية والثروات المعدنية.
* كيف تنظرون لتطور العلاقة بين (الخرطوم وتل ابيب) وزيارات المسؤولين الاسرائيليين أخيراً للبلاد؟
ــ افتكر ان المسألة مخطط امريكي اماراتي اسرائيلي مشترك لبناء هذا الحلف الابراهيمي لتطبيع العلاقات، ونحن لسنا في حاجة الى ذلك، نحن لسنا دولة جوار مع اسرائيل ولن نستفيد من الكيان الصهيوني، واسرائيل دولة تعتمد على العون الامريكي وليس دولة لديها امكانات تساعد السودان، وحتى التكنولوجيا الزراعية موجودة في دول اخرى غيرها. وايضاً الحكومة الحالية والقادمة ليست لديهما سلطة للتطبيع مع اسرائيل وينبغي ان ننتظر الحكومة المنتخبة، واعتقد ان البرهان ارتكب خطأً كبيراً في ذلك، وليست لديه شرعية ان يفعل ذلك التطبيع، وهناك خطورة بان اسرائيل تعمل على تكسير الامكانات السودانية لكي لا يصبح سلة غذاء العرب، لجهة ان الامن الغذائي العربي بالنسبة لاسرائيل احد المهددات. وثانياً البرهان خان موقفاً تاريخياً لشعب السودان منذ حرب فلسطين 1948م، وبذلك خان حركة التحرير الفلسطينية، ونحن نقف مع فلسطين ليس لاننا عرب وانما نحن مع حق الشعوب في الحرية والديمقراطية واقامة اوطانها.
* يرى البعض ان هناك غياباً للتحالف الجذري؟
ــ التحالف موجود في الشارع ويخرج بياناته، صحيح هناك تعتيم اعلامي بعدم نشر بياناته الا في نطاق محدود، كما ان التحالف تنظيم بُني من خلال النضال اليومي، وليس تحالف احزاب (تتلم)، وتوجد فيه جهات ليس حزبية ولا تعمل بالعمل الحزبي اليومي. وايضاً هو ليس الصيغة النهائية، فقد يتطور الى صيغ اخرى، قد يأتي أناس يغيرون اسمه، لكن المهم جوهر البرنامج وهو تصفية النظام السابق ووضع اسس للنظام الديمقراطي الجديد ليكون مستقراً ومستداماً.
* هناك كثير من الاتهامات تطول الحزب الشيوعي بتسييس لجان المقاومة؟
ــ لجان المقاومة أصلاً سياسية، فالمقاومة مفهوم سياسي وليس ادبياً او ثقافياً فقط، ونحن لا ننكر اننا ساهمنا في تكوين لجان المقاومة، ولكن نحن لا نسيطر عليها واعضاؤنا في اللجان خاضعون لقراراتها، كما اننا لسنا قادة في لجان المقاومة، وهذه اتهامات القصد منها اضعاف المقاومة.
* هل يمكن استئناف المساعدات والمنح عقب تشكيل الحكومة؟
ــ المجتمع الدولي بلا شك سيستأنف مساعداته طالما ستشكل حكومة مدنية تسمع وجهة نظره وتنفذ سياسيات البنك الدولي، لكن هل هذا سيحل مشكلات السودان، المشكلات لن تحل الا بالامساك بالموارد الذاتية وتفجيرها والحل الخارجي مؤقت.
* ذكرت سابقاً ان للحزب علاقات مع حركة العدل والمساواة، هل مازالت مستمرة وهل كنتم تعلمون بعملية الذراع الطويل؟
ــ لم نكن نعلم بعملية الذراع الطويل الذي هو اشبه بالانقلاب، وكنا نؤيد كافة الحركات المسلحة في دارفور رغم رأينا في العمل المسلح.
* ما طبيعة تلك العلاقة؟
ــ تأييد معنوي واعلامي، وفي كثير من الاحيان مناقشات ذات طابع سياسي.
* ايضاً في حديث سابق ذكرت أنه حال استمرار الوضع الحالي سيفوز المؤتمر الوطني، هل مازلت تعتقد ذلك؟
ــ (شوف.. لما تأتي لتلعب مباراة لو ما صلحت الميدان تكون المباراة غير عادلة)، ومهمة الفترة الانتقالية اصلاح الميدان وهذا يتم بتصفية النظام السابق كاملاً، فاذا صفيت النظام السابق كاملاً فإن الحركة الاسلامية لن تكون لديها فرصة لحكم السودان او تكون معارضة مهمة كما كانت في الديمقراطية الثالثة، لكن لو ترك النظام السابق فإن هذا ميدان غير متساوٍ والحركة الاسلامية ستعود ولديها قدرة على التزوير.
* ذكرت ان التيارات الاسلامية ستعود للحكم، هل هذا سيتم بدعم من قادة المكون العسكري في الانتخابات القادمة ام ماذا؟
ــ يمكن، وافتكر بدأت تلعب، وبعض الخلافات التي نجمت أخيراً بين اطراف اللجنة العسكرية يدخل فيها المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية بالشد والجذب، ولا اعتقد ان تصريحات شمس الدين كباشي تمثل اللجنة الامنية وانما تمثل تنظيماً بعينه خارج اللجنة الامنية.
* ما هو هذا التنظيم؟
ــ هو تنظيم بعينه