
تقرير: محمد عبد الحميد
أعلنت الجبهة الثورية التزامها بالاتفاق الإطاري والعملية السياسية الحالية التي تقود لتشكيل حكومة مدنية مستقرة يتم عبرها تنفيذ اتفاق سلام جوبا، معلنة ترحيبها بالمبادرة المصرية لحل الأزمة السياسية بالبلاد. وفي مؤتمر صحفي كشف المتحدث الرسمي باسم الجبهة أسامة سعيد عقب زيارة رسمية لدولة جنوب السودان برفقة عضو مجلس السيادة د. الهادي إدريس، كشف عن اجتماع ستعقده الجبهة للتقرير بشأن المبادرة المصرية، نافياً وجود خلافات داخل الثورية أو انشقاقات بسببها.
وفي غضون ذلك أوضح عضو مجلس السيادة د. الهادي إدريس أنهم قدموا شرحاً مفصلاً للرئيس سلفا كير ورئيس الوساطة الجنوبية المستشار توت قلواك، بشأن تطورات العملية السياسية الجارية بالبلاد وتنفيذ اتفاق جوبا على ضوء تلك التطورات، مفصحاً عن زيارة مرتقبة لوفد الوساطة للخرطوم، لدعوة كل أطراف اتفاق جوبا لإجراء نقاشات واسعة ومراجعة الجداول الزمنية للاتفاق، جازماً بأن لا خيار خلافاً للعملية السياسية والاتفاق الإطاري، فيما تمسكت الجبهة الثورية بما حققه الاتفاق من مكاسب لإقليم الشرق حسب قولهم، فهل تفلح المراجعات وتقييم التنفيذ المزمعة في المضي قدماً نحو فتح اتفاق جوبا ودخول أطراف جديدة؟ وهل ستطفو مشكلة شرق السودان إلى السطح ثانية؟
توسيع قاعدة المشاركة
ويشير أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بروفيسور صلاح الدين الدومة إلى بروز اتجاه لفتح الإعلان السياسي الذي وقع في الخامس من ديسمبر 2022م لتبدأ فيه المفاوضات من جديد، ودليله على ذلك مطالبة السفير الأمريكي بالخرطوم جون غودفري الحكومة بتوسيع قاعدة المشاركة في الاتفاق الإطاري، في ظل إصرار مصري لم يأتِ من فراغ، حسب الدومة.
وتصر الجبهة الثورية والكتلة الديمقراطية على فتح الاتفاق وفق ما قال الدومة في حديثه لـ (الانتباهة)، في حين رأى أنه لا مبرر لربط فتح الاتفاق الإطاري بتعيين رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، طالما أن هناك اقتناعاً بأنه لا وجود لمحاصصة وستكون الحكومة حكومة كفاءات (تكنوقراط) بصلاحيات كاملة لرئيس الوزراء، ومن ثم البدء في تشكيل السلطة التشريعية والقيام بعمل مؤتمر تحضيري للمؤتمر الدستوري لمناقشة قضايا السلام والشرق، وليأخذ من الوقت ما يأخذ حسب أستاذ العلاقات الدولية، ولأن الأوضاع الاقتصادية أصبحت صعبة والشعب لم يعد يحتملها، ففيما دعا لعدم ربط المفاوضات بالحكومة أشار إلى أنه طُعم من الفلول والدولة العميقة ابتلعه المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.
وفي غضون ذلك أشار رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم خلال مخاطبته حشداً جماهيرياً بنيالا، لتفاهمات جرت مع قادة الجيش لإنتاج اتفاق جديد بديلاً للاتفاق الإطاري يزيح كل العيوب التي اعترته. وأكد جبريل ان الاتفاق الاطاري أهمل قضية النازحين واللاجئين والعدالة لأنها لا تمثل أولوية للموقعين، بجانب أنه اعطى حق تعديل وتقييم وإلغاء اتفاق جوبا لأطراف ليست جزءاً من الاتفاق. وتابع قائلاً: (اختلافنا مع الحرية والتغيير المجلس المركزي انهم يريدون ان يلعبوا باتفاقية جوبا، ونحن ما عندنا استعداد لنسمع هذا الكلام ونعيد البلاد للحروب مرة أخرى). وقال إن الإطاري يعمل على تسييس القضاء والنيابة وتكوين شرطة حزبية تحت مسمى (الأمن الداخلي) الغرض منها تأسيس مليشيات حزبية لقمع المعارضين، داعياً إلى تمكين الشرطة وإصلاح جهاز الأمن الحالي بدلاً من التفكير في إنشاء قوة جديدة، متهماً مجموعات حزبية صغيرة بالعمل على فرض أجندتها والسيطرة على القرار السياسي.
متطلبات المشاركة السياسية
وفي المقابل اعتبر أستاذ العلوم السياسية د. عبد الرحمن أبو خريس تمسك الجبهة الثورية بتنفيذ اتفاق جوبا طبيعياً ولا خلاف حوله حتى من قبل الرافضين للاتفاق الإطاري والموقعين عليه، لأنه أوقف الحرب وحقق بعض النجاحات ليس من بينها القضايا الإنسانية. وأضاف قائلاً: (غير أن الجميع يطالبون بمراجعات وتدقيق في مسار التنفيذ، والشرق أنموذج لعدم تنفيذ الاتفاق وحل قضاياه، ولا حتى المكاسب التي يتحدثون عنها تحققت)، متسائلاً: (لماذا لم يستوفِ شرق السودان متطلبات المشاركة السياسية التي أنتجها الاتفاق؟).
وأكبر عقبة، حسب أبو خريس، ستناقشها ورشة المراجعات هي موضوع الشرق، لأنه ذو علاقة وثيقة باستمرار الاتفاق الإطاري واستقرار البلاد، وأضاف قائلاً: (من الممكن أن يتكرر إغلاق الميناء مرة أخرى، لأن الاتفاق لم ينفذ للشرق البرامج التنموية والإنسانية المتفق عليها، فمسار دارفور وجبال النوبة لهما مشاركات في السلطة وقسمة الثروة، في حين تم رفض الاتفاق بالشرق لما تمخض عنه من مسار). ورأى أستاذ العلوم السياسية أبو خريس أنه من المهم التمسك بما تم في الاتفاق مع مراجعة بعض حصص الاتفاق التي لم تنزل لأرض الواقع سواء في دارفور أو شرق السودان.