
تقرير: محمد جمال قندول
ساعات ويطوي عام 2022م حقائبه مودعاً، ويدخل السودانيون العام الجديد وهم يحملون امنيات السلام والاستقرار الذي استعصى على مدار سنة كاملة لم يصل خلالها فرقاء المشهد السياسي لحل جذري ينهي حالة الصراع التي اعترت المشهد منذ سقوط نظام البشير.
وحفل العام الذي يمضي صوب خواتيمه باحداث سياسية مهمة استطاعت ان تكون في سياق محطات العام السياسية.. (الانتباهة) في المساحة التالية تستعرض ابرز مشاهد عام 2022م السياسية فالى مضابطها:
اللافت كان أن النصف الاول من العام لم يكن حافلاً مقارنة بالاشهر الستة الاخيرة التي برزت فيها معالم الساحة السياسية بشكل بائن، واختتمت بالتوقيع على اتفاق اطاري بين الاطراف السودانية في محاولة لايجاد حل يفضي لاستئناف الانتقال المتعثر.
استقالة حمدوك
في مطلع عام 2022م كان احد ابرز احداثه استمرار التظاهرات رفضاً لاجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر، كما شهد يناير وتحديداً في الثاني منه استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك رسمياً. واعلن رئيس الوزراء تنحيه للمرة الثانية بعد ان عاد بموجب اتفاق (البرهان ـ حمدوك) في خواتيم نوفمبر، وجاءت الاستقالة على وقع مقتل ثلاثة متظاهرين.
وفي الثاني عشر من يناير وفي مساعٍ لحل الازمة السياسية بالخرطوم عبر بعثتها الخاصة بالسودان تم إطلاق حوار شامل بين كافة الأطراف للوصول إلى حل لأزمة البلاد المستفحلة.
ولم تقف الاحداث في مطلع العام الجاري عند هذا الحد، اذ شهد السابع عشر منه احتجاجات اسفرت عن مقتل 7 من المتظاهرين لتزيد وتيرة المشهد الملتهب.
سد النهضة
ولم يشهد فبراير احداثاً سياسية كبيرة، ولكن على المستوى الخارجي كان ابرزها اعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد رسمياً في التاسع عشر من فبراير إطلاق عملية إنتاج الكهرباء من سد النهضة على النيل الأزرق، في مرحلة وصفت بالمهمة من المشروع. كما شهد فبراير في خواتيمه تعيين يحيى جنقول محافظاً للبنك المركزي، وذلك بعد تفاقم ازمات الاقتصاد جراء الازمة السياسية. وشهد مارس تقرير المبعوث الاممي بيرتس فولكر الذي القاه بمجلس الامن وحذر خلاله بيرتس من تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني والأمني في السودان في ظل غياب اتفاق سياسي يفضي إلى العودة لمسار انتقالي مقبول، وكان ذلك في الثامن والعشرين من مارس.
فيما كان ابرز تواريخ ابريل الموسوم بالسادس منه، حيث اعلنت لجان المقاومة وقوى الحرية عن موكب (الزلزال) الذي صادف ايام الشهر الكريم، ولكن الاحتجاجات لم تخرج بالصورة الذي رسمها الاعلام قبل التاريخ.
وفي خواتيم مايو وجدت اصداء مرسوم رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان برفع حالة الطوارئ في أنحاء البلاد كاحد ابرز الاحداث السياسية، وجدت ترحيباً كبيراً، وجاءت في سياق تهيئة المناخ وتنقية الأجواء لحوار مثمر وهادف يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية.
حوار السلام روتانا
وفي الثالث من يونيو اعتمد مجلس الأمن رسمياً وبالإجماع، قراراً يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) لمدة عام واحد، القرار الذي قوبل في السودان برفض كبير لجهة اتهام قوى وتحالفات سياسية المبعوث الاممي بيرتس فولكر بالانحياز لصالح مركزية الحرية والتغيير. وفي الثامن من ذات الشهر دعت الآلية الثلاثية الاطراف المعنية الى حوار بالسلام روتانا تخلفت عنه قوى المجلس المركزي وتغيب عنه تجمع المهنيين، ولم يكتب للحوار السوداني ــ السوداني الذي دعت له الاطراف الاقليمية النجاح وقبر في ايامه الاولى. كما برز انسحاب الاتحاد الافريقي من الآلية الثلاثية في الثاني والعشرين ايضاً ضمن الاحداث الساخنة، حيث انسحب لما وصفه بعدم الشفافية بين الاطراف الدولية. وفي خواتيم يونيو غادر نائب رئيس مجلس السيادة لدارفور حيث قضى فيها 52 يوماً في رحلة طويلة للمصالحات القبلية رافقه خلالها عضوا مجلس السيادة الطاهر حجر والهادي ادريس، حيث عاد في الحادي عشر من اغسطس.
انسحاب الجيش من العملية السياسية
وبرز خطاب البرهان في مطلع يوليو وتحديداً في الرابع منه كاحدى المحطات المهمة في دفاتر عام 2022م، حيث اعلن رئيس مجلس السيادة عن انسحاب الجيش من العملية السياسية. وبعد خطابه بيوم شارك الجنرال في قمة الايقاد بالعاصمة الكينية نيروبي حيث ترأس الجلسة، كما اجرى على هامش الفعالية الاقليمية لقاءً مع الرئيس الاثيوبي ابي احمد لازالة الشوائب وتهدئة الاجواء المشتعلة بين البلدين حينها. وايضاً في ذات الشهر اعلنت الآلية الرسمية الغاء حوار السلام روتانا بخطابات معنونة للمشاركين فيه، وذلك بعد رفض المركزي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة الجلوس حول طاولة تفاوض مع المشاركين.
فيما برزت احدى اهم المحطات بمغادرة اعضاء مجلس السيادة المدنيين في السادس من الشهر ذاته المشهد السياسي بعد صدور قرار من رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان باعفاء رجاء نيكولا عبد المسيح ويوسف جاد كريم وسلمى عبد الجبار المبارك وعبد الباقي عبد القادر الزبير وأبو القاسم محمد أحمد برطم. وفي يوليو ايضاً كان هنالك لقاء استثنائي جمع رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان بالسفير البريطاني جاك ليفر، واهمية التلاقي لم تكن لما دار بين الاثنين، ولكن لان الجنرال استقبل سفير لندن بمسقط رأسه بقندتو خلال ايام العيد. وحظيت الزيارة باهتمام اسفيري وسياسي واسع وكانت في السابع عشر من الشهر.
كما شهد يوليو ايضا تأسيس تحالف الحل الجذري بزعامة الحزب الشيوعي برفقة تجمع المهنيين السودانيين وأسر الشهداء ومفصولي الشرطة، وهو ما برز ككتلة سياسية جديدة لاسقاط النظام واستلام السلطة في المركز والولايات.
وصول السفير الأمريكي
وفي خواتيم اغسطس وصل السفير الامريكي الجديد جون غودفري للبلاد لاستلام مهامه رسمياً، ليكون اول سفير لواشنطون بالخرطوم بعدما يقارب ربع قرن، ولم تمض على تعيين جون اشهر قليلة حتى ابرز دور الجانب الامريكي في الملف السوداني، حيث لعب دوراً محورياً في الرباعية التي افضت الى توقيع الاتفاق الاطاري.
وفي الثالث عشر من ديسمبر دشنت مبادرة نداء اهل السودان رسمياً طرحها لحل الازمة عبر ملتقى المائدة المستديرة التي انعقدت بقاعة الصداقة.
شهر البرهان
وشهد سبتمبر الماضي اولى جولات الآلية الرباعية التي تضم امريكا وبريطانيا والامارات والسعودية للم شمل فرقاء المشهد السياسي بمحادثات غير رسمية بين الجانب العسكري والمدني بمنزل السفير السعودي، ونجحت رغم فشلها لاكثر من مرة خاصة في الرابع من سبتمبر حينما تخلف وفد المجلس المركزي. واطل جبريل ابراهيم وزير المالية كاحد ابرز الشخصيات في هذا الشهر، وذلك بعد حواره الشهير مع (الانتباهة) الذي اعترف خلاله الرجل باعطائه استثناءً لعربة من الجمارك لابن اخيه، حيث قوبلت تصريحات جبريل لـ (الانتباهة) بهجوم شرس من ائمة المساجد والوسط السياسي والاقتصادي وبرز كترند سياسي. وكان سبتمبر شهر البرهان بامتياز حيث اجرى الرجل رحلات خارجية برزت كاحدى اهم محطات البلاد في العمل الخارجي، حيث زار في الثامن عشر من الشهر بريطانيا مشيعاً الملكة اليزابيث الثانية، وبعدها بايام قليلة خاطب اجتماعات الامم المتحدة بامريكا في رحلة وصفت بالاستثنائية، وفي طريق عودته زار الجنرال مصر في زيارة قصيرة التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ميثاق لجان المقاومة
وفي الاول من اكتوبر برزت عودة رئيس الوزراء الاسبق في نظام البشير محمد طاهر ايلا الى البلاد بعد غيابه ثلاث سنوات، واثار ظهور احد ابرز القيادات التنفيذية في حقبة الاسلاميين تساؤلات عن مغزى رجوعه للبلاد بمسقط رأسه البحر الاحمر وتحديداً بورتسودان، وايلا غادر للقاهرة في شهر ديسمبر الجاري وذلك لازمة صحية استدعت نقله للقاهرة.
ومع تزايد الهوة بين القوى الشبابية المتمثلة في لجان المقاومة والاحزاب السياسية، اعلنت لجان المقاومة عن التوقيع على الميثاق الموحد الذي نص على تكوين عدد من المفوضيات من بينها مفوضية للعدالة وتفكيك تمكين نظام الإخوان وإقامة محاكم خاصة وإخضاع كل الشركات الحكومية وشركات الأمن والجيش والشرطة لولاية وزارة المالية وذلك في اكتوبر.
كما شهد اكتوبر ولاول مرة ارهاصات وتسريبات عن تسوية مرتقبة بين العسكريين ومجموعة المجلس المركزي عبر انباء مسربة، وايضاً شهد مشاركة رئيس مجلس السيادة في مؤتمر تانا بمدينة بحر دار باثيوبيا في الخامس عشر منه.
خطاب (حطاب)
وفي الاول من نوفمبر الماضي شارك البرهان في اول قمة عربية بعد عامين من توقفها وكانت بالجزائر. كما شارك ايضاً في السابع من ذات الشهر في قمة المناخ التي انعقدت في مصر. وخطاب (حطاب) ايضاً ظهر كمحطة مهمة لتقلبات المسار السياسي بالبلاد، حيث خاطب قائد عام الجيش الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان جنوده في حديث كان له ما بعده، وحذر خلاله الجنرال حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية تحديداً والقوى السياسية من التخفي خلف الجيش، مشدداً على أن المؤسسة العسكرية لا توالي أية فئة أو حزب، وكلمات البرهان في حطاب رسمت ضبابية حول مغزى رسائله للاسلاميين، خاصة انها جاءت بعد اشهر من الاتهامات التي تطلقها قوى المركزي بتعاون الجنرال مع الاسلاميين. وفي الثالث من الشهر ذاته تم الاعلان رسمياً عن تحالف سياسي جديد موسوم بـ (الكتلة الديمقراطية) يضم (جيش تحرير السودان، الحزب الاتحادي الأصل، حركة العدل والمساواة، الحرية والتغيير التوافق الوطني، حزب البعث، المجلس الأعلى لنظارات البجا، لجان المقاومة، المجتمع المدني، الإدارة الأهلية، ممثلين عن النازحين واللاجئين، الجبهة الشعبية، حركة جيش تحرير السودان المجلس القيادي، حركة تحرير كوش، مبادرة السودان يسع الجميع، مؤتمر البجا التصحيح، تحالف الشباب الفيدرالي ومؤتمر البجا المعارض)، بجانب عدد من القوى الفاعلة في المشهد السياسي السوداني. وحمل نوفمبر ايضاً تحولاً كبيراً للختمية والاتحاديين وهم يشهدون عودة رئيسهم وزعيم الطائفة الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني للبلاد في الحادي والعشرين بعد غياب دام عقداً من الزمان، في محاولة من آخر حكماء السياسة السودانية لـتصحيح مسار الحزب ولملمة اطرافه المتبعثرة جراء الخلافات وتحديداً صراع الشقيقين جعفر والحسن.
التوقيع على الإطاري
في الخامس من شهر ديسمبر تم التوقيع على الاتفاق الاطاري بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير واحزاب الشعبي وانصار السنة والاتحادي الاصل في عملية سياسية قوبلت برفض واسع من تيارات وتحالفات ابرزها الكتلة الديمقراطية ومبادرة نداء اهل السودان وتحالف الحل الجذري، وسبق الاتفاق بيوم اطلاق سراح القيادي بالمركزي والبعث العربي وجدي صالح وآخرين في محاولة لتنقية الاجواء قبل الاتفاق. وفي الرابع عشر منه خرج الجنرال في خطاب جديد امام جنوده بقاعدة المعاقيل، وقطع بعدم وجود تسوية ثنائية على خلفية الحل السياسي الجاري، في حديث وصفه القيادي بالمركزي ياسر عرمان بأنه بمثابة تنصل البرهان منه، فيما وصفه مراقبون بهدم التسوية. وشهد ديسمبر جدلاً واسعاً جراء الاطاري واتساع رقعة رافضيه التي برزت في لغة عدائية من بعض قيادات المركزي، وتقديم مبارك الفاضل لطلب للالتحاق بالعملية السياسية ولكنه قوبل بالرفض، وتداعيات الاطاري المستمرة افضت الى انسحاب حزب البعث العربي من تحالف المجلس المركزي احتجاجاً على توقيع مكوناتها على الاتفاق الاطاري