
معلوم من الحقيقة بالضرورة ان الانقاذ صنعتها ودبرتها ونفذتها الحركة الإسلامية..
ولكن مداراة البشير عنها في تلك المحكمة حسنة..
وغريبة هي الدنيا واحوالها، فلو أن هنالك محاكمات حقيقية أحق بالانعقاد والبسط لكانت الاولى والاحق تلك المحاكمة الأكثر ملائمة وفائدة هي :
(سرقة الانقاذ)..
هو العنوان الذي ينبغي أن نشغل به ذاكرة الأجيال وذواكر الوسائط..
أقرار البشير بإنه وحده المتحمل لشرف أو خزي تفجير الانقاذ يعالج بعضا من فصول ما اجترحت يداه في ثلثي تجربة الانقاذ بعد ان احاط بهم سرادقها واستلم الرصة والمنصة و(بيت مال وعيال يا كشة)..
عالج البشير أمر المحكمة التي لن تنعقد وآثر أن يكون تلك البسالة والشموخ والبطولة ذات الختم السوداني البارز..
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يفعلها البشير..
فقد راوح ما بين تحنيطها وتقييد مساراتها والسيطرة على حركتها، تقليم اظافرها وخلع اسنانها وما بين فك رقبة!!..
لم يترك تلك الشعرة ابدا..
(ومن الحب ما قتل)..
واليوم يمضى البشير إلى مصيره وحده..
دون أحد..
ولو كان ثمة حياة أو حياء لقيادة الحركة الإسلامية لانتجت أمرا مختلفا مما تفعله الآن…
السكوت في معرض الحاجة إلى بيان ليس بيانا ابدا بل هو شيطان آثم واخرس..
لأن السكوت عن الظلم جبن ووصمة عار تتخطى الزمان والمكان..
و(بعد ما كانت في الرجلين بتبقي في الوش)
أما آن لها ان تلقي كل هذا الظلم عن كاهل هؤلاء الذين كان حظهم هو مجابهة كل ذلك الهم والعبء و(شيل وش القباحة) عنهم كل تلك السنوات الصعبة من تاريخ أمتنا..
عن أبناء الحركة في السجون اتحدث..
لو كانت الحركة بخير لامرت عضويتها من غير المترفين أن يزحفوا للاعتصام أمام بوابات السجن ليقولوا قولا واحداً
(حاكموهم أو أطلقوا سراحهم)..
لا ارى سببا لهذا الاتفاق الجماعي المريب على تسبيب ذلك الموت البطيء لهؤلاء الأشخاص الذين صاروا امتحانا حقيقيا لنا جميعا..
وكيف نستطيع اجتياز تلك المزالق ما بين علالي الحلاقيم وانتباهتها الي:
(ما علينا الفات كلو فارق..
رُقنا ولا نعيد الملام)..
وفقه (التُقية) لا يجوز استعماله في وقت تكون (التقوى) فريضتها العدل والإحسان..
تخون الحركة قيمها وتتخلي عن الولاء لمبادئها حين لا تستطيع كلمة الحق في مناهضتها والاجترار..
وكأنما كتب على أهل السودان إعادة إنتاج أخطاء التاريخ والسير الى مكبات الغواية و (الزاكي طمل) و(سفر الولاء)!!..
▪️اجتلاء الصمت الرهيب ومن ثم تعنيف الطغاة وهز النخل هو ما يساقط علينا رطبا جنيا..
ولا تنذروا للرحمن صوما إلا بعد أن تأخذوا موثقا بأن كلماتكم سينطق بها أو معها من كان في المهد صبيا..
وكما قال مارتن لوثر:
(سيكتب التاريخ أن أكبر مأساة في فترة التغيير الاجتماعي هذه لم تكن الضجة القاسية للناس السيئين، ولكن الصمت المروع للناس الطيبين).